بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه : قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم : ( بلّغوا عنّي ولو آية) صحيح البخاري فلنتأمّل ما جاء في تفسير هذه الآية 17 من سورة الأنعام :
ومن أدلة توحيده، أنه تعالى المنفرد بكشف الضراء، وجلب الخير والسراء. ولهذا قال: ( وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ ) من فقر، أو مرض، أو عسر، أو غم، أوهم أو نحوه. ( فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) فإذا كان وحده النافع الضار، فهو الذي يستحق أن يفرد بالعبودية والإلهية.
( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ) فلا يتصرف منهم متصرف، ولا يتحرك متحرك، ولا يسكن ساكن، إلا بمشيئته، وليس للملوك وغيرهم الخروج عن ملكه وسلطانه، بل هم مدبرون مقهورون، فإذا كان هو القاهر وغيره مقهورا، كان هو المستحق للعبادة.
( وَهُوَ الْحَكِيمُ ) فيما أمر به ونهى، وأثاب، وعاقب، وفيما خلق وقدر. ( الْخَبِيرُ ) المطلع على السرائر والضمائر وخفايا الأمور، وهذا كله من أدلة التوحيد.
***
وقال النّبي صلّى الله عليه وسلّم : (نضّر الله وجه امرئ سمع مقالتي فحفظها ووعاها وبلغها من لم يسمعها فرب حامل فقه لا فقه له ، وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه) صحيح فلنحرص على تطبيق هذا الحديث طامعين في أجر الله وفضله وبين يديك هذا الحديث فلعلّك تكون من المسارعين إلى الخيرات : عن النواس بن سمعان رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( البر حسن الخلق ، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس )) .رواه مسلم[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] .وعن وا بصة بن معبد رضى الله عنه ، قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : (( جئت تسأل عن البر و الإثم ؟ )) قلت : نعم ؛ قال : (( استفت قلبك ؛ البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن اليه القلب ، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر ، وإن أفتاك الناس وأفتوك ))[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] .قال الشيخ - رحمه الله - حديث حسن ، رويناه في مسندي الإمام أحمد بن حنبل ، و الدارمي بإسناد حسن .الشرح : لفضيلة الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -
قوله ( البر) أي الذي ذكره الله تعالى في القرآن فقال ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى )(المائدة: الآية2) والبر كلمة تدل على كثرة الخير . ( حسن الخلق ) أي حسن الخلق مع الله ، وحسن الخلق مع عباد الله ، فأما حسن الخلق مع الله فان تتلقي أحكامه الشرعية بالرضا والتسليم ، وأن لا يكون في نفسك حرج منها ولا تضيق بها ذرعا ، فإذا أمرك الله بالصلاة والزكاة والصيام وغيرها فإنك تقابل هذا بصدر منشرح. وأيضا حسن الخلق مع الله في أحكامه القدرية ، فالإنسان ليس دائما مسرورا حيث يأتيه ما يحزنه في ماله أو في أهله أو في نفسه أو في مجتمعه والذي قدر ذلك هو الله عز وجل فتكون حسن الخلق مع الله ، وتقوم بما أمرت به وتنزجر عما نهيت عنه .أما حسن الخلق مع الناس فقد سبق أنه : بذل الندى وكف الأذى والصبر على الأذى ، وطلاقة الوجه .وهذا هو البر والمراد به البر المطلق ، وهناك بر خاص كبر الوالدين مثلا وهو الإحسان إليهما بالمال والبدن والجاه وسائر الإحسان .وهل يدخل بر الوالدين في قوله ( حسن الخلق )؟فالجواب : نعم يدخل لأن بر الوالدين لا شك أنه خلق حسن محمود كل أحد يحمد فاعله عليه .(والإثم ) هو ضد البر لأن الله تعالى قال : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )(المائدة: الآية2) فما هو الإثم ؟ (الإثم ما حاك في نفسك ) أي تردد وصرت منه في قلق ((وكرهت أن يطلع عليه الناس)) لأنه محل ذم وعيب ، فتجدك مترددا فيه وتكره أن يطلع الناس عليك وهذه الجملة إنما هي لمن كان قلبه صافيا سليما ، فهذا هو الذي يحوك في نفسه ما كان إثما ويكره أن يطلع عليه الناس .أما المتمردون الخارجون عن طاعة الله الذين قست قلوبهم فهؤلاء لا يبالون ، بل ربما يتبجحون بفعل المنكر والإثم ، فالكلام هنا ليس عاما لكل أحد بل هو خاص لمن كان قلبه سليما طاهرا نقيا ؛ فإنه إذا هم بإثم وإن لم يعلم أنه إثم من قبل الشرع تجده مترددا يكره أن يطلع الناس عليه ، وهذا ضابط وليس بقاعدة ، أي علامة على الإثم في قلب المؤمن . نفعني الله وإيّاك، لا تكلّفك إعادة إرسالها إلا ضغطة فلا تبخل على نفسك .
والله لا يضيع أجر من أحسن عملا .